هل يوجد عسل نحل سَّـــامُّ !!

مراجعة المادة العلمية أحمد محمد علي
هل هناك عسلٌ سامٌّ ؟ ، لعلَّ كثيراً منا لا يعلمُ أنَّ هناك عسلاً سامّاً ، تعال معي واقرأ هذه الأسطر لتتعرّف عليه :
إنّ النّحل حينما يمتص رحيق الأزهار فهو ينقل بصدق وأمانه خواص النبات الذي يمتص رحيقه إلى العسل الذي يصنعه منه ، وهكذا فإنّ العسل يتّصف بنفس الخواص الدوائية للنبات الذي جنى النّحل منها الرحيق . وهناك نباتات يحتوي
رحيقها على غليكوزيدات سامة مثل : ( الرودودندن ، والأزاليا الصحراوية ، وقلنسوة الراهب ) ، و ( الأندروميدا ) تحتوي على غليكوزيد سام هو : ( الأندروسيدوتوكسين ) ، فإذا ما وُجدت مثل هذه النباتات وغطت مساحات واسعة بحيث يكون الغالبية العظمى للرحيق الذي يجنيه النّحل من هذه النباتات فإنّ العسل يكون ساماً ، علماً بأنّ النّحل الذي يتناول ذلك الرحيق لا يتأذى به مطلقاً. 
وأول ما ذُكر في التاريخ عن العسل السام ما وصفه القائد اليوناني ( زينوفون )حيث تقهقر معه أكثر من عشرة آلاف جندي من الإغريق كانوا معه في منطقة في آسيا الوسطى، وكان هناك عدد خلايا النّحل هائلاً ، فأكلوا من عسلها بشراهة ، فأصابهم قيء وإسهال ودوخة وآلام حادة في 
البطن ، والذين أفرطوا في الأكل أصبحوا كالمجانين ، وأغمي عليهم ، ورقدوا على الأرض كما لو أن هزيمة ماحقة حلّت بهم ، لكنهم جميعاً أفاقوا واستعادوا وعيهم خلال يوم إلى ثلاثة أيام ، ولم يمت منهم أحد .
وفي عام ( 1877 م ) اكتُشِف العسل السام في وادي ( باطوم ) القفقاس ، كما وجد العالم ( أ . مولوكني ) في منطقة ( خباروفسك ) نحلاً يعطي عسلاً ساماً من نبات ( الليدو ليدم بالدسترول )
أو ( شاي المستنقعات ) ، وقد اقترح ( مولوكني ) طريقة للتخلص من سميّة هذا العسل بتسخينه لدرجة (80 _90 ) مع تقليبه حتى لا يغلي لمدة ( 3 ) ساعات ، لكن بتسخين العسل يفقد خواصه الحيوية والعلاجية ، لذا فإنّ ( ك . شاراشيدز ) يوصي بتسخينه إلى درجة ( 46 ) وتحت ضغط ( 67 ملم ) ، وبهذه الطريقة تزول سميّة العسل دون أن يفقد خواصه العلاجية .
وأكّد ( شاراشيدز ) سنة (1954م ) بتجاربه السّريريّة أنّ العسل السّام يُودي بتناوله إلى نفس الأعراض السُّميَّة التي تظهر حين تناول الإنسان لمنقوع أو خلاصة الزهر لنبات ( الأزالية الصحراوية ) أو ( الرودودندن ) أو غيرهما من النباتات السامة .
وليُعْلَمْ أنّ بعض النّباتات السّامّة كنبات ( السّكران _ البنج _ ) ، و( الكشاتين ) ، و ( ورد الحمير _ الدفلى ) ، و ( الشوكران ) لا يكون العسل الخارج منها ساماً ، ويبدو أنّ الأمر يتعلق بتركيز الغلوكوزيدات السّامة في رحيقها .

Author:

Facebook Comment